ان علم الاهوت المقارن هو العلم الباحث في الفرق المتباينة التي ظهرت في تاريخ الفكر المسيحي منذ نشاتة ومناقشة معتقداتها ومبادئها الاهوتية مناقشة تهدذ الى إبراز حقيقة المسيحية والبرهنة عليها وبيان مدى إنحراف المذاهب المعارضة وإبتعادها عن الإيمان الرسولي.
فعلم الاهوت المقارن علم جدلي لا يكتفي بأظهار الحقيقة المسيحية وإقامة بنيانها على أساس متين من براهين العقل والنقل كما يفعل علم الاهوت النظري أو العقيدي و إنما هو يعرض المذاهب المسيحية التي ظهرت في تاريخ الكنيسة ويناقشها مناقشة جادة لتظهر ما فيها من حق ومن باطل, وبعبارة أخرى هو علم الهرطقات المختلفة التي ظهرت في تاريخ المسيحية منذ نشأتها وعلى مدار تاريخها.
الهرطقات
الهرطقات جمع كلمة هرطقة وهي كلمة ذات أصل يوناني دخيلة على اللغة العربية ومعناها في أصلها اللغوي "أنتقاء" أو "إنتخاب" أو "اختيار" لرأي ما مع تفضيلة على غيرة من آراء.
ثم تطورت الكلمة عند اليونانين المتأخرين وعند كتاب الرومان فأصبحت تستخدم للدلالة على مذهب من المذاهب الفلسفية أو مدرسة من مدارس الفكر وأخذت الكلمة طريقها إلى الدين فصارت تطلق على الفرق أو الطوائف الفكرية المختلفة داخل هذا الدين أو ذاك.
في العهد القديم
وقد استعلمت الكلمة اليونانية في أحد المعاني السالفة ففي العهد القديم في أحد المعاني السالفة ففي سفر التكوين 9 و5:4 وردت بمعنى "بمعنى الأختيار".
"شمعون ولاوي إخوان تعاونا على الظلم باختيارهما" وفي سفر اللاويين 21,18:22 وردت بمعنى "تقدمة إختيارية". وفي سفر المكابيين الأول 20:8 بمعنى "رضى فريقين متعاهدين".
في العهد الجديد
تطور إستعمال كلمة هرطقة في العهد الجديد فإنحصر في الدلالة على مذهب ديني لطائفة من الناس تجمعهم مع آخرين رابطة بدين معين ولكنهم يتميزون عنهم بآراء مغايرة أو تأويلات خاصة مخالفة تجعل منهم فرقة أو شيعة في داخل الدين العام.
ولهذا أطلقت هذة الكلمة على كل من المذاهب اليهودية فقيل شيعة الصدوقيين و أطلقت على مذهب الفريسين, بل اطلقت كلمة شيعة أيضا على الديانة المسيحية.ففي سفر الأعمال يوصف القديس بولس الرسول على انة:- "إمام شيعة(هرطقة) الناصريين". وفي سفر الأعمال أيضا يقول القديس بولس الرسول:- "حسب الطريق الذي يقولون لة شيعة(هرطقة) أعبد إلة آبائي".
ويقول وجوة اليهود في رومية للقديس بولس الرسول عن ديانتة:- "لأنة معلوم لدينا من جهة هذا المذهب(الهرطقة) أنة يقاوم في كل مكان".
على أنة يلاحظ في النصوص الثلاثة الأخيرة أن المسيحية إعتبرت هرطقة في نظر اليهود فإما أن يكون إستخدامها حسن باعتبار المسيحية (مذهبا)أو (مدرسة)أو (طائفة) مثلها مقل المذاهب اليهودية كالفريسين والصدوقيين وما شابههم أو قد يكون لها هنا معنى سيء باعتبارها مذهب معادي إنحرف في نظر اليهود عن الصواب وخرج عن الحق الألهي وهو المعنى الذي تطورت إلية هذة الكلمة اليونانية فيما بعد.
ومهما يكن من أمر هذة الكلمة فقد أستخدمت بمعناها السيء في العهد الجديد أي بمعنى الفرقة التي إنحرفت عن الحق الإلهي. فأحيانا تجيء مرادفة للشقاق الضار بسلامة الكنيسة ولذلك عدت من اعمال الجسد و أفعالة الأثيمة التي تحرم صانعيها من دخول الملكوت. "و أعمال الجسد ظاهرة التي هي :زنى,نجاسة,دعارة,عبادة أوثان, سحر, عداوة, خصام, غيرة, سقط, تحزبات, شقاق, بدع(هرطقات)....إن الذين يفعلون مثل هذة لا يرثون ملكوت اللة" 2 غل 20,19:5
"اسمع أنة توجد بينكم انشقاقات, وأصدق بعض التصديق لأنة لابد ان يكون بينكم هرطقات أيضا, ليكون المزكون طاهرين بينكم" 2 كو 19,18:11
"وكما يوجد أيضا في الشعب أنبياء كذبة, كذلك سيكون فيكم (أيضا) معلمون كذبة الذين يدسون هرطقات مهلكة" 2بط 1
وفي العصر الرسولي لاأول أتخذت الكلمة نف المعنى
وأخذ هذا المعنى يسود شيئا فشيئا حتى أصبح تقريبا هو المعنى الأول الذي يحضر إلى الذهن بمجرد سناع هذة الكلمة فإذا ذكرت هذة الكلمة فهي للدلالة على التاليم الكاذبة المخالفة للتعليم الرسولي بامتداد الكنيسة ونمو سلطانها الروحي باعتبارها حامية الأيمان الرسولي ومستودع العقيدة المسيحية القويمة, إشتدت البغضة لكل تعليم غريب عن تعاليم الكنيسة و أصبحت الهرطقة شيئا فشيئا جريمة شنعاء يعد مؤسسها أو المنتني إليها خارجا عن تعاليم الكنيسة ومضاد للة.
ولقد ورد في مار أغناطيوس إالى أهل تراللي فقرة 6 "إبتعدوا عن المائدة الغريبة و أعني بها الهرطقات.ذلك أن هؤلاء الناس يمزجون يسوع المسيح بتعاليمهم فقط ليكسبوا ثقتكم بحجج وبإدعاءات كاذبة.....كأنهم يعطون سما ناقعا ولكنة ممزوجا بعسل وخمر حتى أن ضحايهم من الأبرياء يأخذونة بسرور فيشربون منة مع لذة قاتلة فاحترسوا إذن من أمثال هؤلاء الناس".
وقد ذهب بعض القديسين إلى قبول أي إتهام في أخلاقة إلا قبول الأتهام بالهرطقة.
ولقد ورد في بستان الرهبان أنة قيل عن القديس أغاثون أن أناسا أتوا إلية لمل سمعوا عن كثرة إفرازة وعظم دعتة وأرادوا أن يجربوة فقالوا لة هل أنت أغثون الذي نسمع عنة أنة متعظم؟ فقال لهم نعم أنا هو, أأنت اغاثون المهذار الكاذب؟ فقال نعم أنا هو, فقالوا أأنت أغاثون الهيراطيقي؟ فقال لهم لست بهيراطيقي فسألوة لما تحملت كل ما قلناة لك ولم تحتمل هذة الكلمة؟ فأجاب لأن أقوالكم الأولى أحتسبها ربحا و بإحتمالها أتقرب إلى اللة ولكن الهرطقة تبعدني عنة و انا لا أريد البعد عنة.
وهذا معناة أن القديس أغاثون كان من الممكن ان يحتمل كل انواع السباب والشتم إلا الهرطقة وحدها, فإن في إحتمالة الشتم فضيلة مسيحية إما قبولة الأتهام بالهرطقة فهو تسليم ورضا عن عداوتة للة وللحق الحي.
=====================
اللاهوت العقيدى
يبحث هذا العلم في الله تعالى, وجوهره وطبيعته وصفاته الذاتيه والنسبيه وعنايته, ويبحث في الإنسان وحقيقته وجوهره المادي والروحي وفي حريته وارادته, وخلود النفس ومصيرها بعد الموت, كذلك في العلاقه بين الله والأنسان, كالديانه والوحي وأعمال الله وتدبيراته الخاصه بالأنسان وسر الخلاص ونظريه الفداء واشتراك الأقانيم الثلاثه في سر التجسد الإلهي, والثمار الخلاصيه, وبركات الفداء, ومواهب الروح القدس, ويبحث في الملائكه الأطهار والأشرار.
ولما كانت هذه الحقائق-التي يتخذ منها علم الاهوت العقيدي موضوعا لبحثه-مبعثره في الوحي الإلهي. فإن من واجبات الاهوتي أو عالم الاهوت, أن يجمع هذه الحقائق وينظمها, ويبين نسبه بعضها إلى بعض, أو ما بينها من إتفاق عام.
ولذلك يمكن تقسيم علم الاهوت العقيدي الى 4 أقسام
القسم الأول: ويسمى ثيولوجيا theologia
أو البحث في الله تبارك أسمه, ويدخل في صفاته تعالى الذاتيه والسببيه, أو البحث جوهر الله وطبيعته, وتوحيد ذاته وتثليث أقانيمه وعمل كل أقنوم من الأقانيم وخواصه وصفاته ولاهوتيته, ثم يبحث عن الملائكه.
القسم الثاني: ويسمى أنثربولوجيا anthropologia
أي علم الأنسان ويشمل البحث في النفس الإنسانيه و إثبات وجودها, وحريتها, وخلودها داخل الأنسان والقضاء والقدر, أي مدى توافق إراده الله بمصير الأنسان.
القسم الثالث: ويسمى السوتيريولوجيا soteriology
أي علم الخلاص وهو يبحث في سر الفداء, ونظريه التجسد الإلهي ويبحث تبعاً لذلك في لاهوت السيد المسيح بوصفه الفادي والمخلص و أقنومه وطبيعته الواحده. وبركات الخلاص والخلاص كما يبحث في الروح القدس و أعماله ومواهبه ومنها أسرار الكنيسه السبعه, فضلا عن سائر العطايا والمواهب الأخرى في الكنيسه.
القسم الرابع: ويسمى الأسخاتولوجيا eschatologia
ومعناه علم الآخره وهو يبحث في مصير الأنسان بعد الموت وفي الدينونه والجزاء في الآخره و في سعاده الأبرار وشقاء الأشرار, ومجد الأبديه و عذاب الجحيم وطبيعه الأجساد, وطبيعه الملكوت ونار جهنم ثم يبحث أيضا في قيامه الأجساد للدينونه, ومجىء المسيح الثاني وعلامات هذا المجيء.
ئعريف علم الاهوت العقيدي: dogmatic theology
†تعريف الأسم وهو يتكون من مقطعين
الأول: دوجماتيك --dogmatic ومعناها عقيدي.
الثاني:ثيؤلوجي --theology و أيضاً يتكون من مقطعين
ثيؤ-theo-ومعناها الله ، لوجي-logy- ومعناها علم.أي العلم الذي يتكلم عن الله أو المختص بالله.
وكلمه دوجما يونانيه وكانت تعني عند القدماء الحكم الرسمي مثل(قرار-ابداء رأي-فتوى-قضاء-تعبير عن افكار) ويكون له سلكان ملزم سواء في مجال العلم او الفلسفه أو في مجال خدمه الدوله.
وفي الترجمه السبعينيه استعملت كلمه دوجما dogma لتشير إلى:-
1-الأوامر الملكيه:
كما يبدو في الآيه الآتيه من العهد القديم:
"لأجل ذلك غضب الملك واغتاظ جدا وأمر بأباده كل حكماء بابل فخرج الأمر(دوجما) وكان الحكماء يقتلون".
2-الشريعه:
كما في الأيه التاليه من العهد القديم:
"فثبت الآن النهي أيها الملك و أمضى الكتابه, لكي لا تتغير كشريعه(دوجما) مادي وفارس التي لا تنسخ لأجل هذا أمضى داريوس الكتابه والهنى".
3-في العهد الجديد
أستحدمت هذه الكلمه لتعبر عن
† أوامر: كما أستخدمها القديس لوقا البشير "في تلك الأيام صدر أمر(دوجما) من أغسطس قيصر بأن يكتتب كل المسكونه"
† أحكام: وفي سفر الأعمال"وهؤولاء كلهم يعملون ضد أحكام قيصر (دوجما) قائلين أنه يوجد ملك آخر يسوع"
† التزامات أو فرائض الناموس: في رسائل بولس الرسول استعملت لتدل على التزمات الناموس "ناموس الوصايا في فرائض"
و أيضا في "فإذا كأنكم عائشون في العالم تفرض عليكم فرئض"
وقد أستخدم هذه الكلمه آباء كثيرون مثل الشهيد يوستين, و إيجانتيوس, وبارناباس, وإكليمنضس السكندري, والعلامه أورجينوس, وكيرلس الأورشليمي, ويوحنا ذهبي الفم, وأغريغوريوس النيسي, وباسيليوس الكبير, وثيؤدوريتوس
c.t.v